والتيسير ورفع الحرج في الشريعة الإسلامية يرجعان إلى التوسط والاعتدال في الدين الإسلامي. وقد أثبت الله التوسط بقوله ﴿وكذلك جعلناكم أمةً وسطًا﴾ البقرة: 143 . فإذا رافق الفعل مشقة زائدة، فإن هذه المشقة تُرفع شرعًا بعد النظر في سببها، فإذا كانت من الفعل ذاته سقط وجوب الفعل أو حرمته، إلى حين زوال المشقة، فلا يجب الصوم مثلاً على المسافر، ويجوز أكل الميتة للمضطر. وأما إذا كانت المشقة بفعل المكلَّف واختياره، فإنها مرفوعة بنهي الله عن ذلك، كالنهي عن الوصال في الصوم والنهي عن التنطع في العبادات وغيرها.
ومن التيسير ورفع الحرج في الإسلام، أن الله قد جعل باب التوبة مفتوحًا للعصاة مالم يحضرهم الموت أو تطلع الشمس من مغربها، ولا يخفى ما في ذلك من راحة واطمئنان، وإعادة الثقة إلى نفس المسيء، وتحريره من الشعور بالذنب والإثم. يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿تقل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمةِ الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيمت﴾ الزمر: 53 .
العدل. ويتمثل هذا المبدأ في التوجيهات القرآنية التي تأمر بالعدل المطلق بين الناس، وتنهى عن الظلم حتى مع من نبغض ونعادي، قال الله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط ولا يجَرمَنّكم شنئانُ قومٍ على ألا تعدلو اعدلوا هو أقربُ للتقوى واتقوا الله إن الله خبيرٌ بما تعملون﴾ المائدة:8.
بين القرآن الكريم أن سبب زوال الأمم وهلاكها هو شيوع الظلم، قال تعالى: ﴿ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لمّا ظلموا﴾ يونس: 13 . وقد تجلى العدل وظهر في التاريخ الإسلامي، حتى مع غير المسلمين، ومن ذلك قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع القبطي الذي شكا إليه ابن والي مصر عمرو بن العاص، لما لطم القبطيَّ بغير حق فأنصف عمر هذا القبطي، عندما قال له: ¸اضرب ابن الأكرمين•. والحرص على العدل ونبذ الظلم هو الذي جعل أهل بلاد الشام النصارى يرحبون بالمسلمين ويعلنون حبهم لهم مع أنهم كانوا يحكمون من أبناء دينهم الروم.
المساواة. كلمة تفقد معناها عندما يبتعد الناس عن منهج الإسلام وتعاليم القرآن وسنة الرسول ³. وقد قرر القرآن أن التقوى هي الأساس، والميزان الذي يوزن به الناس، وأن الناس متساوون، وإن اختلفوا في الأجناس والألوان، قال تعالى: ﴿يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾ الحجرات: 13 . وقد تمثلت المساواة في الإسلام في أعظم صورها، بجعل المؤمنين إخوة، فقال تعالى: ﴿إنما المؤمنون إخوة﴾ الحجرات :10 . ولم تكن هذه المبادئ مجرد مُثلٍ عليا تُقرّ وتُردّد، بل طُبِّقت عمليًا، عندما آخى الرسول ³ بين كبار الأنصار وأغنيائهم، وبين فقراء المهاجرين وفيهم الموالي. وكان من التطبيق العملي لهذا المبدأ، أن جعل الرسول ³ زيد بن حارثة أميرًا، وهو من الموالي، في غزوة مؤتة. وكذلك عندما أمّر ابنه أسامة لغزو الروم، وكان في الجيش أبو بكرٍ وعمر وسعد بن أبي وقاص.
الحرية. تقررت الحرية في الإسلام، من خلال توجيهات القرآن المعجز، فقد قرر القرآن حرية الفكر وحرية العقيدة، وحرية الرأي. ففي مجال الفكر، اهتم الإسلام بتحرير العقل من الأوهام والخرافات، وأخذ القرآن يخاطب العقل البشري مؤصِّلاً كبرى قضايا التوحيد. كما حث القرآن على استخدام العقل وتحرير الفكر. وعاب القرآن على من ألغى عقله وفكره وقلّد غيره. وقد بلغ احترام الإسلام للعقل ذروته، عندما جعل المجتهد مأجورًا على تفكيره، وبذل جهده وإن أخطأ فقال عليه الصلاة والسلام: إذا حكم الحاكمُ فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد حديث صحيح، أخرجه البخاري ومسلم ، عن عمرو بن العاص. وأما حرية العقيدة فتتجلى في قوله تعالى: ﴿لا إكراه في الدين﴾ البقرة: 256 . ولقد شهد هذا المبدأ تطبيقًا عمليًا، غايةً في النزاهة والنبـل، فـعاش النصارى في ظل الدولة الإسلامية غير مُكرهين على اعتناق الإسلام. والتاريخ الإسلامي وما فيه من قصص وأحداث تزخر بالمواقف النبيلة معروف للقاصي والـداني. وأمـا حرية القول، فقد أباحت الشريعة للناس أن يُعبِّروا عما يشعرون، وعمـا يجـول في خـواطـرهم. بـل جعلت القول واجبًا على الناس من خلال فريضة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر فقال تعالى: ﴿ولتكن منكم أمةٌ يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون﴾ آل عمران: 104 .
مصادر الشريعة. امتازت الشريعة الإسـلامية بتلك الخصائص السابقة لأنها من عند الله سبحـانه وتعـالى فمصـدرها الأول القرآن، ومصدرها الثاني السنة، ومصدرها الثالث الإجماع: وهو اتفاق المجتهدين من المسلمين بعد وفاة النبي ³ على حكم شرعي، ومصدرها الرابع القياس: وهو إعطاء مسألة لم يُنص على حكمها حكم مسألة مماثلة لها قد نُص على حكمها لاشتراكهما في العِلة. ومن المصادر أيضًا الاستحسان: وهو ترجيح الاجتهاد الخفي على الاجتهاد الظاهر لدليل أقوى منفعة أو دفع مضرَّة مما سكت عنه الشارع، لكنه أمر بمثله. والعُرْف الصحيح: وهو ما اعتاده الناس وساروا عليه من قول أو فعل أو ترك ولا يصطدم مع الشرع. وكذا من المصادر المصلحة المرسلة: وهي تحقيق المحافظة على مقصود الشارع من جلب منفعة أو دفع مضرة فيما سكت عنه الشارع، لكنه أمر بمثله.
وهناك نوعان من مصادر الشريعة: مصادر أصلية ومصادر تبعية: المصادر الأصلية: وهي كتاب الله تعالى: القرآن الكريم وسُنّة نبيه عليه الصلاة والسلام. والقرآن الكريم كتاب الله المنزل على رسوله محمد ³، والمنقول إلينا بالتواتر، وقد يعرف بأنه كلام الله المعجز.
أما السُنّة فهي ما صدر عن رسول الله ³، من قول أو فعل أو تقرير أو سكوت سوى القرآن. انظر: السنة.
المصادر التبعية. إن لم يوجد الحكم في القرآن والسنة، فللمجتهد أن يستنبط الأحكام المطلوبة في ضوء قواعد الشريعة وأصولها مما يطلق عليه المصادر التبعية وهي:
الإجماع. ومعناه في اللغة، العزم على الشيء، والتصميم عليه، وفي الاصطلاح: اتفاق المجتهدين المسلمين، بعد وفاة رسول الله ³ على حكم شرعي. والأصل فيه قوله عليه السلام: (إن الله تعالى قد أجار أمتي أن تجتمع على ضلالة) حديث حسن، خرجه ابن أبي عاصم في السنة، عن أنس.
والإجماع نوعان. إجماع صريح وإجماع سكوتي. أما الصريح فهو أن يبدي بعض المجتهدين رأيه في واقعة أو قضية ثم يعرضه على جميع المجتهدين فيقروه عليه صراحة. وأما السكوتي فهو أن يبدي بعض المجتهدين رأيه في قضية ثم يعرضه على جميع المجتهدين أو ينتشر الرأي بينهم في زمانهم فلا يقره أحد ولا ينكره أحد وإنما يسكت الجميع.
وهناك من ينكر حصول الإجماع لصعوبة ذلك، وهناك من يقبله في عهد الخليفتين أبي بكر وعمر فقط، نظرا لاجتماع الصحابة، أما بعد ذلك فلا يسلّمون بوقوع الإجماع لصعوبته. وهناك من يقبل الإجماع الصريح دون السكوتي، ويتفق جمهور العلماء على قبول النوعين مستدلين بأنه لا يتصور من الصحابة أو المجتهدين سكوت على خطأ ـ كما أن من العلماء من قال إن الإجماع الصريح دلالته قطعية بخلاف السكوتي فدلالته ظنية.
القياس من المصادر التَّبعية ويعني في اللغة التقدير والمساواة، وفي الاصطلاح: إلحاق مسألة لا نص على حكمها بمسألة ورد نص بحكمها، في الحكم، وذلك لتساوي المسألتين في علة الحكم أو سببه.
ومثال ذلك تحريم شرب الخمر، حيث ورد نص في ذلك، والعلة هي الإسكار، فكل شراب فيه هذه العلة، يكون حكمه التحريم، قياسا على الخمر.
الاستحسان في اللغة عدَّ الشيء حسنا، وفي الاصطلاح العدول عن قياس جلي إلى قياس خفي، أو استثناء مسألة جزئية من أصل كلي، أو قاعدة عامة لدليل يقتضي العدول. ومثال ذلك، إذا بيعت أرض زراعية، دون النص على حقوق الارتفاق مثل حق الشرب والمرور، فهذه الحقوق لا تدخل تبعا، ومثل ذلك لو وقفها ـ جعلها وقفا ـ لأن الوقف مثل البيع في إخراج المال من حوزة مالكه.
ولكن القياس على الإجارة أولى، لأن الموقوف عليه لا يملك الوقف بل المنفعة فقط، وإذن فالقياس على الإجارة أولى، ومقتضى ذلك دخول حقوق الارتفاق تبعا، ولو لم ينص عليها، قياسا على دخولها في الارتفاق من غير ذكر لها، وسبب هذا أن انتفاع الموقوف يتعذر دون تبعية هذه الحقوق، لذا فهي تقاس على الارتفاق استحسانا وليس على الوقف.
مثال النوع الثاني استثناء جزئية من أصل، والمفروض أن القاعدة تنطبق على جزئياتها كافة، لكن قد يظهر للمجتهد دليل يقتضي استثناء مسألة معينة عن الحكم الكلي. فمثال ذلك:كل محجور عليه لسفه لا تصح تبرعاته ومنها الوقف، لكن جرى استثناء جواز وقفه على نفسه استحسانا لأنه بذلك يحفظ ماله فلا يصير عالة على غيره.
المصالح المرسلة. هي الوصف الذي لم يقم دليل من الشارع على اعتباره أو إلغائه.
ويقسم العلماء المصالح إلى ثلاثة أنواع:
مصالح اعتبرها الشارع، ووضع لها حكما لتحقيقها، مثل حفظ النفس بمنع القتل، وحفظ المال بمنع سرقته أو إتلافه. ومصالح ألغاها الشارع ولم يعتبرها، كالمحارب يوقع نفسه بالأسر، فيحفظ نفسه من القتل، فقد أوجب الشارع عليه الجهاد والقتال. ومصالح لم يقم دليل شرعي على اعتبارها أو إلغائها.
فكل قضية ليس فيها نص ولا إجماع ولا قياس ولا استحسان، وفيها مصلحة للناس، بشرط ألا يوجد دليل يدل على إلغاء هذه المصلحة، فمن حق المجتهد إيجاد حكم مناسب لتحقيقها.
فعندما كثرت الجيوش وتوسعت رقعة الدولة الإسلامية على عهد الخليفة عمر رضي الله عنه وجد من المصلحة أن يضع الدواوين ففعل ذلك باسم المصلحة.
سد الذرائع. إذا كانت الوسيلة توصل إلى محرم صارت محرمة، ووجب منعها، وإذا كانت تؤدي إلى واجب فهي واجبة. والمعتبر ليس نية الفاعل، بل ما يؤدي إليه. فالاحتكار مثلا ممنوع سدًا لذريعة التضييق على الناس، ومنع الدائن من قبول الهدايا من مدينه، سدُُّ لذريعة الربا.
العرف يسمى العادة أو هو ما اعتاده الناس من قول أو فعل. فقد اعتاد الناس البيع بالتعاطي، دون استعمال صيغ البيع، ودخول الحمامات العامة، دون تحديد وقت أو كمية الماء المستعمل.
والعرف منه الصحيح ومنه الفاسد، والمعتبر شرعًا هو الصحيح دون الفاسد ويشترط ألا يعارض نصًا شرعيًا فإذا تغير العُرف تغير الحكم تبعًا له ما دام صحيحًا.
مذهب الصحابي. كان الكثير من الصحابة يفتي الناس. والسؤال: إذا كان ما يفتيه صادرًا عن رأي واجتهاد، فهل هو ملزم لمن جاء بعده أم لا؟ يرى بعض العلماء أنه حجة، ومن حق المجتهد أن يختار ما يراه الأقرب، لكتاب الله وسنة رسوله. بينما ذهب آخرون إلى أنه ليس بحجة، وليس مُلزما، ويبدو أن قول الصحابي ليس بحجة بنفسه ولكنه مرجح فقط.
شرع من قبلنا. ما حكم الأحكام السابقة على شريعة الإسلام كالموجودة في التوراة مثلاً وجاء ذكرها في الكتاب أو السُنّة؟ بعض العلماء يعتبرها شرعًا لنا وبعضهم لا يعتبرها.
الاستصحاب لغةً المصاحبة، واصطلاحًا الحكم ببقاء الشيء على ما كان عليه حتى يقوم الدليل على تغييره، فإذا علم أن فلانًا ملك دارًا مثلا فتبقى كذلك حتى يقوم دليل على انتقالها لغيره. ومن تطبيقات الاستصحاب أن الأصل في الأشياء الإباحة، فكل نبات أو حيوان أو تصرف لا يعرف له حكم في الكتاب أو السنة أو باقي المصادر، فإنه يحكم بجوازه وإباحته، لأن الأصل الإباحة والأصل براءة الذمة لكل إنسان حتى يثبت العكس.
الفقه: نشأته وتطوره وانتشاره
الفقه العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية.
أحكام الفقه. وهي الأحكام التي تُنظم علاقة الإنسان مع غيره وتصف أفعاله وأقواله وتعطي كل قول أو فعل يصدر عن المكلَّف حكمًا شرعيًا كالوجوب أو الندب أو الإباحة أو الكراهة أو الحرمة أو الصحة أو البطلان أو الفساد. وتُسمَّى الأحكام الخمسة الأولى أحكامًا تكليفية، وتسمى الأحكام التي تليها أحكاما وضعية. ولايتصور قول يقوله المكلَّف أو فعل يفعله إلا وله حكم شرعيٌّ سواء أكان حكمًا تكليفيًا أم حكمًا وضعيًا.
وقد جاءت أحكام الفقه شاملة لكل نواحي الحياة، فهي تشمل:
1- أحكام العبادات: وهي التي تنظم علاقة الإنسان بربه، كالصلاة والصوم والزكاة والحج.
2- أحكام المعاملات: وهي التي تنظم علاقة الإنسان مع غيره في الدولة الإسلامية، وعلاقة الدولة الإسلامية بغيرها من الدول وتُقسم إلى: أحكام الأحوال الشخصية، والأحكام المدنية، والأحكام الجنائية، وأحكام المُرافعات، والأحكام الدستورية، والأحكام الدولية.
نشأته. نشأ الفقه في عصر النبي ³ عندما كان يجيب الصحابة عما يعرض لهم من أسئلة مستندًا إلى الوحي.
تطوره. أهم عصور تطور الفقه هي:
عصر الصحابة. تصدى الصحابة رضي الله عنهم لإفتاء الناس وكان منهم المكثر ومنهم المقل. وكانوا يعتمدون في الإجابة عما يُسألون عنه على الاجتهاد المعتمد على القرآن والسنة.
عصر التابعين. استمر العلماء من التابعين في الإجابة عن أسئلة الناس. واتسعت دائرة الاجتهاد نظرًا لاتساع الدولة الإسلامية ودخول عدد كبير من الناس في الدين في هذا العصر ممن لهم عادات وتقاليد وسلوك وأنماط حياة تختلف عن الصحابة، مما اضطر العلماء لبذل مزيد من الجهد للإجابة عن أسئلة الناس. ولم تستجد مسألة إلا وبينوا حكمها في الدين. وقد ساعدهم على ذلك أن أحكام الدين جاءت عامة نصت على مسائل كلية مجملة.
عصر الأئمة الأربعة. تطور الفقه وازدهر في عصر الأئمة الأربعة ويرجع ذلك إلى عدة عوامل: الأول: تشجيع الخلفاء العباسيين للعلم والعلماء وعدم التدخل في حرية المجتهدين أو التأثير عليهم. والثاني: اتساع الدولة الإسلامية وكثرة عدد الداخلين في الدين. فكان الواجب على الفقهاء أن يجتهدوا للإجابة عن كل ما يُسألون عنه. والثالث: دخول عدد كبير من غير العرب في الإسلام ممن ينتسبون إلى أمم وثقافات عريقة، واتجاههم إلى دراسة الفقة مما جعلهم يبدعون في هذا الجانب. والرابع: احترام الأمة للعلماء وجعلهم في المقدمة شجع على توجه الناس لطلب العلم فأبدع عدد منهم في ذلك.
انتشاره. انتشر الفقه على يد الأئمة الأربعة في عصر تطور الفقة وهم:
أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي. ولد في الكوفة سنة80 هـ، وتوفي سنة 150هـ وعاش في العراق.
مالك بن أنس بن مالك الأصبحي. ولد سنة 93هـ، وتوفي سنة 179هـ وعاش في المدينة المنورة.[center]